العالم في 2050

 

shutterstock_112158140يومياً، تطالعنا توقعات بتحولات ما ستطرأ على جزئية ما من عالمنا خلال السنوات المقبلة. ولكن الباحث أولريش إيبيرل، الذي يُعد من كبار العلماء في مجال أبحاث المستقبل في ألمانيا، وضع نصب عينيه تاريخاً محدداً: منتصف القرن، العام 2050م، وما سيؤول إليه العالم بقضاياه الكبرى آنذاك، وجمع توقعاته في كتاب بعنوان: «المستقبل 2050». فما أبرز ما جاء فيه؟

لا يعتمد هذا الكتاب على تنبؤات المنجمين، ولا على أفلام الخيال العلمي، لكي يكشف لنا ما ستشهده البشرية بعد أقل من أربعة عقود. هو ليس كتاباً سطحياً للتسلية، ولكنه في الوقت نفسه ليس كتاباً مملوءاً بالمصطلحات العلمية المعقَّدة بحيث لا يفهمه إلا المتخصصون. إنه كتاب موجَّه في المقام الأول إلى الشباب، من طلاب المدارس والجامعات، الذين سيعيشون في هذه الفترة، لكي يعرفوا ما ينتظرهم، ويستعدوا للغد.

2050ليس الشباب وحدهم من يحتاج إلى معرفة مضمون ما في هذا الكتاب، بل هو موجَّه أيضاً إلى المعلمين والباحثين والمديرين وأصحاب الشركات، والسياسيين، وغيرهم من القرَّاء المهتمين بالمستقبل، خاصة إذا عرفنا أن المؤلف إيبيرل، الحاصل على الدكتوراة في الفيزياء والكيمياء والأحياء وتقنيات الجينات عام 1992م، هو من كبار العلماء، ويعمل حالياً في شركة سيمنز العملاقة، وعمل قبل ذلك في شركة دايملر، كما أنه رئيس تحرير مجلة «صور المستقبل»، التي حصلت على كثير من الجوائز العلمية.

يتكون هذا الكتاب من سبعة عشر فصلاً، توضح آلية استقراء التطورات المستقبلية، والتحديات الكبرى التي تواجه البشرية، والحلول المقترحة لاجتياز هذه التحديات، من توفير مصادر للطاقة المستدامة، إلى حماية البيئة، والتطورات التقنية في مجال الإنسان الآلي، والإنجازات الطبية المتوقعة.

44a24e51-b431-eb04-d784-630fa2b9f9e7صناعة المستقبل ذي الأرقام الكبيرة
واحد من أهم الأقوال التي وردت في الكتاب، هو ما ورد على لسان العالم الأمريكي آلان كاي، الذي قال: «أفضل الطرق لاستشراف المستقبل، هو أن تخترعه بنفسك». وهي دعوة لأن يشارك الإنسان في صناعة المستقبل، وترك السلبية القائمة على انتظار ما ستأتي به الأيام، ثم ننظر كيف نتعامل معها، وهذا هو الفرق بين العالم الأول، الذي يصنع المستقبل، والعالم الثالث، الذي يكتفي بالخوف منه، أو يقنع بأن يعيش يومه فحسب.

1390584098_kakim-stanet-tehnologicheskij-mir-k-2050-goduفي عام 2050م سيصل إجمالي عدد سكان الكرة الأرضية إلى حوالي 9,5 مليار نسمة، منهم 6 مليارات نسمة يسكنون في المدن وحدها. فهل استعدت المدن لهذا الزحف؟ ومن أين للكرة الأرضية بالطعام الذي يحتاجه هؤلاء؟ وكيف يمكن تغطية احتياجاتهم من الطاقة؟ وإلى أين ستذهب المخلفات والقمامة التي سيتسبب فيها كل هؤلاء؟ الحل هو تطوير آليات إعادة التدوير، للاستفادة من هذه المخلفات، بدلاً من إنتاج مواد جديدة.

وعندما تتطور المعدات الطبية، ويصبح من الممكن اكتشاف خلايا السرطان في بداية تكونها، وقبل انتشارها، والتوصل إلى تشخيص أي قصور في أي عضو في الجسم، من خلال كاميرات دقيقة متناهية الصغر، تسبح في جسم الإنسان، وتتمكن في الوقت نفسه صناعة الدواء من إنتاج عقاقير متطورة، فليس من المستبعد في ظل هذه الأوضاع أن يرتفع متوسط أعمار الأشخاص، وستكون نسبة الأشخاص الذين يبلغون المائة سنة عندئذ، هي نفس نسبة الأشخاص الذين يبلغون السبعين حالياً.

futurium_0لا يمكن تجاهل هذه الملايين أو المليارات من كبار السن، بل لا بد من تجهيز الطرق والمباني والمطارات والفنادق والأندية الرياضية لهم. لذلك، من المتوقع أن تكون هناك سيارات مزودة بكاميرات ومعدات متطورة ذكية، تساعد هؤلاء الأشخاص على القيادة، فتراعي السرعة المسموح بها، وحركة السيارات حولها، والمساحة المتوافرة لركن السيارة في أماكن الانتظار، لأنه من غير الممكن أن توفر لكل هؤلاء الأشخاص من كبار السن من يرافقهم طوال الوقت.

الإنسان الآلي القادر على خدمة كبار السن، لم يعد خيالاً علمياً، بل تحقق بالفعل. فهو يتلقى الأوامر، ويلبيها، ويحضر المشروبات والأطعمة. وكما تخزن ذاكرة الكمبيوتر آخر المواقع التي زرتها في الإنترنت، يلاحظ الإنسان الآلي المشروب المفضل لكل شخص، وغير ذلك من المعلومات التي تجعله مساعداً جيداً في كثير من المجالات.

أبحاث آلية المستقبل
يقول المؤلف إن شركة سيمنز التي يعمل فيها، بدأت قبل خمسة عشر عاماً في رسم صور المستقبل، وذلك من خلال التوفيق بين عنصرين يسيران في اتجاهين متضادين، الأول هو ما يعرف بالاستقراء الخارجي (Extrapolation)، والثاني هو ما يعرف باسم السيناريو المستقبلي، أو نظرة إلى الوراء من المستقبل.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذكاء الاصطناعي